الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
قوله عز وجل: {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ} الآية. قال الحسن ومجاهد وقتادة: المتلقيان ملكان يتلقيان عملك، أحدهما عن يمينك، يكتب حسناتك، والآخر عن شمالك يكتب سيئاتك.قال الحسن: حتى إذا مت طويت صحيفة عملك وقيل لك يوم القيامة: {اقرأ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا} عدل والله عليك من جعلك حسيب نفسك.وفي {قَعِيدٌ} وجهان:أحدهما: أنه القاعدة، قاله المفضل.الثاني: المرصد الحافظ، قاله مجاهد. وهو مأخوذ من القعود.قال الحسن: الحفظة أربعة: ملكان بالنهار وملكان بالليل.قوله عز وجل: {مَا يَلْفِظُ مِن قول} أي ما يتكلم بشيء، مأخوذ من لفظ الطعام، وهو إخراجه من الفم.{إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ} فيه ثلاثة أوجه:أحدها: أنه المتتبع للأمور.الثاني: أنه الحافظ، قاله السدي.الثالث: أنه الشاهد، قاله الضحاك.وفي {عَتِيدٌ} وجهان:أحدهما: أنه الحاضر الذي لا يغيب.الثاني: أنه الحافظ المعد إما للحفظ وإما للشهادة.قوله عز وجل: {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ} يحتمل وجهين:أحدهما: ما يراه عند المعاينة من ظهور الحق فيما كان الله قد أوعده.الثاني: أن يكون الحق هو الموت، سمي حقًا، إما لاسحقاقه، وإما لانتقاله إلى دار الحق. فعلى هذا يكون في الكلام تقديم وتأخير. وتقديره: وجاءت سكرة الحق بالموت، ووجدتها في قراءة ابن مسعود كذلك.{ذلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ} يحتمل وجهين:أحدهما: أنه كان يحيد من الموت، فجاءه الموت.الثاني: أنه يحيد من الحق، فجاءه الحق عند المعاينة.وفي معنى التحيد وجهان:أحدهما: أنه الفرار، قاله الضحاك.(الثاني): العدول، قاله السدي. ومنه قول الشاعر:
فروى عاصم بن أبي بهدلة، عن أبي وائل، أن عائشة قالت عند أبيها وهو يقضي: فقال أبو بكر: هلا قلت كما قال الله: {وَجَاءَتْ سَكْرَتُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ}.قوله عز وجل: {وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَآئِقٌ وَشَهِيدٌ} أما السائق ففيه قولان:أحدهما: أنه ملك يسوقه إلى المحشر، قاله أبو هريرة وابن زيد.الثاني: أنه أمر من الله يسوقه إلى موضع الحساب، قاله الضحاك.وأما الشهيد ففيه أربعة أقاويل:أحدها: أنه ملك يشهد عليه بعمله، وهذا قول عثمان بن عفان والحسن.الثاني: أنه الإنسان، يشهد على نفسه بعمله، رواه أبو صالح.الثالث: أنها الأيدي والأرجل تشهد عليه بعمله بنفسه، قاله أبو هريرة.ثم في الآية قولان:أحدهما: أنها عامة في المسلم والكافر، وهو قول الجمهور.الثاني: أنها خاصة في الكافر، قاله الضحاك.قوله عز وجل: {لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّن هَذَا} فيه وجهان:أحدهما أنه الكافر، كان في غفلة من عواقب كفره، قاله ابن عباس.الثاني: أنه النبي صلى الله عليه وسلم، كان في غفلة عن الرسالة مع قريش في جاهليتهم، قاله عبد الرحمن بن زيد.ويحتمل ثالثًا: لقد كنت أيها الإنسان في غفلة عن أن كل نفس معها سائق وشهيد لأن هذا لا يعرف إلا بالنصوص الإلهية.{فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ} فيه أربعة أوجه:أحدها: أنه إذا كان في بطن أمه فولد، قاله السدي.الثاني: إذا كان في القبر فنشر، وهذا معنى قول ابن عباس.الثالث: أنه وقت العرض في القيامة، قاله مجاهد.الرابع: أنه نزول الوحي وتحمل الرسالة، وهذا معنى قول ابن زيد.{فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} وفي المراد بالبصر هنا وجهان:أحدهما: بصيرة القلب لأنه يبصر بها من شواهد الأفكار، ونتائج الاعتبار ما تبصر العين ما قابلها من قبلها من الأشخاص والأجسام، فعلى هذا في قوله: {حَدِيدٌ} تأويلان:أحدهما: سريع كسرعة مور الحديد.الثاني: صحيح كصحة قطع الحديد.الوجه الثاني: أن المراد به بصر العين وهو الظاهر، فعلى هذا في قوله: {حَدِيدٌ} تأويلان:أحدهما: شديد، قاله الضحاك.الثاني: بصير، قاله ابن عباس.وماذا يدرك البصر؟ فيه خمسة أوجه:أحدها: يعاين الآخرة، قاله قتادة.الثاني: لسان الميزان، قاله الضحاك.الثالث: ما يصير إليه من ثواب أو عقاب، وهو معنى قول ابن عباس.الرابع: ما أمر به من طاعة وحذره من معصية، وهو معنى قول ابن زيد.الخامس: العمل الذي كان يعمله في الدنيا، قاله الحسن.قوله عز وجل: {وَقال قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ} أما قرينه ففيه ثلاثة أقاويل:أحدها: أنه الملك الشهيد عليه، قاله الحسن وقتادة.الثاني: أنه قرينه الذي قيض له من الشياطين، قاله مجاهد.الثالث: أنه قرينه من الإنس، قاله ابن زيد في رواية ابن وهب عنه.وفي قوله: {هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ} وجهان:أحدهما: هذا الذي وكلت به أحضرته، قاله مجاهد.الثاني: هذا الذي كنت أحبه ويحبني قد حضر، قاله ابن زيد.قوله عز وجل: {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارِ عَنِيدٍ} في ألقيا ثلاثة أقاويل:أحدها: أن المأمور بألقيا كل كافر في النار ملكان.الثاني: يجوز أن يكون واحد ويؤمر بلفظ الاثنين كقول الشاعر: الثالث: أنه خارج مخرج تثنية القول على معنى قولك ألق ألق، قف قف، تأكيدًا للأمر. والكفار بفتح الكاف أشد مبالغة من الكافر.ويحتمل وجهين: أحدهما: أنه الكافر الذي كفر بالله ولم يطعه، وكفر بنعمه ولم يشكره.الثاني: أنه الذي كفر بنفسه وكفر غيره بإغوائه.وأما العنيد ففيه خمسة أوجه:أحدها: أنه المعاند للحق، قاله بعض المتأخرين.الثاني: أنه المنحرف عن الطاعة، قاله قتادة.الثالث: أنه الجاحد المتمرد، قاله الحسن.الرابع: أنه المشاق، قاله السدي.الخامس: أنه المعجب بما عنده المقيم على العمل به، قاله ابن بحر.فأما العاند ففيه وجهان:أحدهما: أنه الذي يعرف بالحق ثم يجحده.الثاني: أنه الذي يدعى إلى الحق فيأباه.قوله عز وجل: {مَنَّاعٍ لِّلْخير} فيه ثلاثة أوجه:أحدها: أنه منع الزكاة المفروضة، قاله قتادة.الثاني: أن الخير المال كله، ومنعه حبسه عن النفقه في طاعة الله، قاله بعض المتأخرين.الثالث: محمول على عموم الخير من قول وعمل.{مُعْتَدٍ مُرِيبٍ} في المريب ثلاثة أوجه:أحدها: أنه الشاك في الله، قاله السدي.الثاني: أنه الشاك في البعث، قاله قتادة.الثالث: أنه المتهم. قال الشاعر: قال الضحاك: هذه الآية في الوليد بن المغيرة المخزومي حين استشاره بنو أخيه في الدخول في الإسلام فمنعهم.قوله عز وجل: {قال لاَ تَخْتَصِمُواْ لَدَيَّ} فيه وجهان:أحدهما: أن اختصامهم هو اعتذار كل واحد منهم فيما قدم من معاصيه، قاله ابن عباس.الثاني: أنه تخاصم كل واحد مع قرينه الذي أغواه في الكفر، قاله أبو العالية.فأما اختصامهم في مظالم الدنيا، فلا يجوز أن يضاع لأنه يوم التناصف.أحدها: أن الوعيد الرسول، قاله ابن عباس.الثاني: أنه القرآن، قاله جعفر بن سليمان.الثالث: أنه الأمر والنهي، قاله ابن زيد.ويحتمل رابعًا: أنه الوعد بالثواب والعقاب.قوله عز وجل: {مَا يُبَدَّلُ الْقول لَدَيَّ} فيه أربعة أوجه:أحدها: فيما أوجه من أمر ونهي، وهذا معنى قول ابن زيد.الثاني: فيما وعد به من طاعة ومعصية، وهو محتمل.الرابع: في أن بالحسنة عشر أمثالها وبخمس الصلوات خمسين صلاة، قاله قتادة.{وَمَآ أَنَا بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ} فيه وجهان:أحدهما: ما أنا بمعذب من لم يجرم، قاله ابن عباس.الثاني: ما أزيد في عقاب مسيء ولا أنقص من ثواب محسن، وهو محتمل.قوله عز وجل: {يَوْمَ نُقول لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأَتِ وَتَقول هَلْ مِنَ مَّزِيدٍ} فيه ثلاثة أوجه:أحدها: هل يزاد إلى من ألقي غيرهم؟ فالاستخبار عمن بقي، قاله زيد بن أسلم.الثاني: معناه إني قد امتلأت، ممن ألقي في، فهل أسع غيرهم؟ قاله مقاتل.الثالث: معناه هل يزاد في سعتي؟ لإلقاء غير من ألقي في، قاله معاذ.وفي قوله: {وَتَقول هَلْ مِن مَّزِيدٍ} وجهان:أحدهما: أن زبانية جهنم قالوا هذا.الثاني: أن حالها كالمناطقة بهذا القول، كما قال الشاعر: قوله عز وجل: {هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ} في الأواب الحفيظ ثلاثة أوجه:أحدها: أنه الذاكر ذنبه في الخلاء، قاله الحكم.الثاني: أنه الذي إذا ذكر ذنبًا تاب واستغفر الله منه، قاله ابن مسعود ومجاهد والشعبي.الثالث: أنه الذي لا يجلس مجلسًا فيقوم حتى يستغفر الله فيه، قاله عبيد بن عمير.وأما الحفيظ هنا ففيه ثلاثة أوجه:أحدها: أنه المطيع فيما أمر، وهو معنى قول السدي.الثاني: الحافظ لوصية الله بالقبول، وهو معنى قول الضحاك.الثالث: أنه الحافظ لحق الله بالاعتراف ولنعمه بالشكر، وهو معنى قول مجاهد. وروى مكحول عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حَافَظَ عَلَى أَرْبعِ رَكَعَاتٍ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ كَانَ أَوَّابًا حَفِيظًا».قوله عز وجل: {مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ} فيه وجهان:أحدهما: أنه الذي يحفظ نفسه من الذنوب في السر كما يحفظها في الجهر.الثاني: أنه التائب في السر من ذنوبه إذا ذكرها، كما فعلها سرًا.ويحتمل ثالثًا: أنه الذي يستتر بطاعته لئلا يداخلها في الظاهر رياء. ووجدت فيه لبعض المتكلمين.رابعًا: أنه الذي أطاع الله بالأدلة ولم يره.{وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ} فيه ثلاثة أوجه:أحدها: أنه المنيب المخلص، قاله السدي.الثاني: أنه المقبل على الله، قاله سفيان.الثالث: أنه التائب، قاله قتادة.{لَهُم مَّا يَشَاءُونَ} يعني ما تشتهي أنفسهم وتلذ أعينهم.{وَلَدَينَا مَزِيدٍ} فيه وجهان:أحدهما: أن المزيد من يزوج بهن من الحور العين، رواه أبو سعيد الخدري مرفوعًا.الثاني: أنها الزيادة التي ضاعفها الله من ثوابه بالحسنة عشر أمثالها.وروى أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أن جبريل أخبره: أن يوم الجمعة يدعى في الآخرة يوم المزيد. وفيه وجهان:أحدهما: لزيادة ثواب العمل فيه.الثاني: لما روي أن الله تعالى يقضي فيه بين خلقه يوم القيامة.قوله عز وجل: {فَنَقَّبُواْ فِي الْبِلاَدِ} فيه أربعة أوجه:
|